لؤي كيالي فنان تشكيلي سوري من مواليد عام 1934 مدينة حلب، ظهرت موهبته الفنية للرسم عندما كان في العاشرة من العمر، دخل كلية الحقوق (جامعة دمشق)، حبه للفن دفعه للانصراف عن متابعة دراسته، نجح في مسابقة أجرتها وزارة التربية فأوفد إلى إيطاليا ليلتحق بكلية الفنون الجميلة (قسم الزخرفة).
وبعد تخرجه عاد لوطنه فدرس في مدارس دمشق وحلب، بدأ في عام 1962 عمله بكلية الفنون الجميلة لتدريس الرسم والزخرفة.
الحزن والألم عنوان لحياة.. الفنان لؤي كيالي
وصف بالعديد من الصفات إذ قالوا عنه بأنه فنان الحزن النبيل، ورسام الألم الصامت، ومبدع الجمال الحزين الهادئ الذي يريح النفوس المتعبة.
كل ذلك يشير إلى تأثر الفنان التشكيلي لؤي كيالي ربما بالظروف الحياتية الصعبة التي كانت تحيط به، فعالمه التشكيلي كان مملوءاً بالأحزان والأشخاص المهمشين والمسحوقين مقدماً معاناتهم من خلال رسمه لوجوه تعكس الهموم والمشاكل عبر نظرات عيونهم وحركات أيديهم التي رأى فيها وسيلة للتعبيرعن حالاتهم الداخلية.
تميّزه على الساحة التشكيلية..
خلق الفنان التشكيلي لؤي كيالي خلال سنوات حياته القصيرة أسلوبه الخاص به على الساحة الفنية التشكيلية السورية والعربية والعالمية، إذ سيطرت الموضوعات الإنسانية والوطنية والقومية على لوحاته كما حرص على إظهار قضايا أبناء وطنه من الفقراء والبسطاء والبؤساء الذين عانوا الفقدان والحرمان، فلقد عرف لؤي بإحساسه العميق الذي تجلى بشكل واضح في أعماله.
(مشاركاته الفنية)
نال كيالي عدة جوائز، أولاها سنة 1959 في مسابقة سيسيليا، وثانيتها حصل عليها في مسابقة ألاتري، كما حاز الميدالية الذهبية للأجانب في مسابقة رافينا، ومثل سورية إلى جانب الكثير من الفنانين السوريين في معرض لابيناله في مدينة البندقية بأربع لوحات عكست نكهة الشرق وسحره.
(أثبت أهمية الفن التشكيلي)
سعى الفنان لؤي دائماً لتقديم تجاربه الفنية فأقام 12 معرضاً، في عام 1952 نظم أول معارضه في ثانوية المأمون (حلب)، كان معرضه التالي في روما بصالة المعارض، قدم في معرضه الثالث بصالة الفن الحديث العالمي (دمشق) 28 لوحة زيتية و30 رسماً تخطيطياً تمكن خلاله أن يؤكد أهمية الفن التشكيلي في الحياة الإنسانية، في حين معرضه السادس في روما تميز بلوحته (ماذا بعد؟) التي عبر فيها عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين.
في عام 1967 أطلق على معرضه عنوان (في سبيل القضية) تضمن 30 لوحة فنية صارخة منفذه بالفحم، إذ خرج فيه لؤي عن واقعيته المعهودة وعن صمته، الأمر الذي عرضه للكثير من الانتقادات من زملائه أرجعها البعض للحط من قيمته كفنان ملهم والبعض الآخر اتهمه بالإساءة للقضية الفلسطينية، فيما بعد طالته تهجمات الإعلاميين والكتاب في حلب السبب الذي كان وراء هجرته لايطاليا ليكمل مسيرته الفنية فيها.
مراحل إبداع الكيالي
إبداعات لؤي الكيالي قسمت إلى ثلاث مراحل حسب الناقد والفنان التشكيلي د. كمال محي الدين حسين في كتابه مسائل في الفن التشكيلي.
المرحلة الأولى التي تناول فيها الكيالي موضوعات إنسانية غنية بالعواطف والمشاعر بأسلوب تعبيري رومنسي، كما ذكر كمال بأن الكيالي في هذه الفترة كان يتربع على عرش الشهرة المحلية ويقف في طليعة الفن السوري، وأهم لوحاته في هذه المرحلة كانت «معلولا، البائع المتجول، ماسح الأحذية».
تعتبر المرحلة الثانية (التي استمرت من عام1967 الى1970 ) انعطافاً حاداً في أسلوب لؤي الفني، تحول فنه خلالها من موضوعات إنسانية مشحونة بالعواطف والرومنسية إلى موضوعات سوداوية مشحونة بالمأساة والغضب والشؤم والخوف، التي ظهرت بشكل واضح في معرضه (في سبيل القضية)، الذي عبر فيه عن الصراع العربي الإسرائيلي والهموم الوطنية، هذا المعرض أدى إلى هز وسطه الفني بشدة الأمر الذي جعله يعكف عن الرسم لعدة سنوات بسبب تهجم النقاد اللاموضوعي على فنه وشخصيته وأسلوبه الجديد المغاير تماماً لأسلوبه المعروف، وبالنسبة لأهم لوحاته في تلك الفترة كانت «ماذا بعد؟، الخوف، الثكالى».
أما المرحلة الثالثة فبدأت من عام 1973 حتى وفاته، حيث جاءت بعد انقطاعه عن العمل لأسباب صحية، تناول الكيالي فيها موضوعات قديمة عالجها سابقاً رغم بعض الفروق الأسلوبية بين الفترتين السابقتين، فتميزت أعماله في المرحلة الثالثة بعودة اللهجة الرومنسية حسب رأي د. كمال.
أزمته النفسية أتلفت بعض لوحاته
يقال: إن الفنان السوري لؤي في عام 1967 أصيب بأزمة نفسية إثر عدوان حزيران فأتلف لوحات معرضه الشهير (في سبيل القضية).
فارق الكيالي الحياة عن عمر يناهز 44 عاماً تاركاً بعد غيابه إرثاً فنياً، اختلفت الآراء حول ظروف موته وأسبابه، حيث أشار البعض إلى انتحاره، في حين أشار البعض الآخر إلى أن موته كان مجرد حادث، وبغض النظر عن النظرتين السابقتين فالمؤكد أنه توفي إثر مضاعفات الاحتراق الذي نشب في غرفة نومه، ودفن في مدينة حلب.
كانت أعمال الفنان التشكليلي السوري لؤي صورة صادقة عنه وعن المعاناة الإنسانية فرسم الطبيعة الصامتة والزهور وبلدة معلولا، فكرس بفنه الأم وربات البيوت، كما أكد الكثير أن لوحاته احتضنت الحالات التي عانى منها في حياته (كالحزن والفرح، والمرض والعافية).